لم يكن أول مشهد مرعب في هذه الحرب، لكنه المشهد الذي تسللت لهيب نيرانه لأجسادنا من خلف الشاشات، نحاول أن نتلمس مع "ورد" بقعة النجاة، وأرض لا تكوي قدميها وفراغ لا تلفح فيه ألسنة النار جسدها الصغير.
فحين نام العالم.. فزعت قلوب النازحين في مدرسة فهمي الجرجاوي في حي الدرج وسط مدينة غزة على وقع قصف وحشي التهم أجساد النائمين فيها دون سابق إنذار، لكن أقدار الله شاءت لطفلة أن تنجو بقدرته من وسط اللهيب الذي أحاط بكل شيء حولها ملتهما أجساد عائلتها، لكنها ظهرت بخيالها البعيد في مشهد هزّ القلوب، وضجّت به المنصات ومواقع التواصل، تبحث عن النجاة.
وأظهر مشهد فيديو لا يتجاوز 11 ثانية، الطفلة ورد جلال الشيخ خليل وهي تبحث عن مخرج لها بين ألسنة النيران التي اندلعت في القاعة الفصلية، التي كانت تنام فيه برفقة عائلتها في المدرسة المستهدفة، حيث نجت مع والدها الذي أصيب بجراح خطيرة، بينما فقدت أمها و6 من أشقائها.
وضجّت مواقع التواصل الاجتماعي بصور وفيديو الطفلة "ورد الشيخ خليل"، مصحوبة بعبارات الألم والحزن العميق عليها، واستنكارًا لوحشية الاحتلال التي تتفنن بحرق أجساد الأطفال والمدنيين في غزة منذ نحو عامين.
الصحفي أنس الشريف أرفق صورة "ورد" بين النيران وكتب: "هذه اللقطة ليست من فيلم، ولا صورة تم توليدها بالذكاء الاصطناعي، هذه الصورة حقيقية لطفلة تحاول النجاة، غزة ليلة الثلاثاء 2025/5/26، مدرسة فهمي الجرجاوي التي تحولت لفرن شويت فيه أجساد نحو 30 إنسانًا".
أما الصحفي عميد شحادة مراسل تلفزيون العربي بالضفة الغربية، فكتب على صفحته معلقًا على مشهد الطفلة: "تتلذذ إسرائيل بحرق الناس أكثر من أي طريقة قتل أخرى. يمكن ملاحظة ذلك قبل محرقة الإبادة في قطاع غزة، عندما يهاجمون القرى في الضفة الغربية رغم امتلاكهم كل الأسلحة الحديثة للقتل والتدمير إلا أنهم يفضلون الحرق على أي وسيلة أخرى".
ويضيف: "في السنوات الأخيرة حرقوا أطفالا في منازلهم، وخطفوا طفلا وحرقوه بعد أن سكبوا في فمه بنزين لكي يضمنوا اشتعاله من الداخل وليس فقط توليع الجلد الخارجي للضحية، كانت تلك وسيلة المستوطنين قبل أن تكشف محرقة غزة هوس إسرائيل كمؤسسة عسكرية ودولة في الحرق للقتل".
وختم شحادة متسائلًا: "ما سر هذا الهوس بحرق البشر لدى من يقول إن تاريخه مليء بآلام المحارق؟".
بينما قال الصحفي عبد القادر صباح في تعليقه: "مشهد واقعي يجسد جزءا مما نعيشه يوميا، قصف، قتل، حرق، تجويع، قهر وألم لا ينتهي".
وتساءل مغردون متى تستفيق الدول العربية والإسلامية ومنظمات حقوق الإنسان وترى ما يجري لأهل غزة من حرب إبادة جماعية؟
مشهد واقعي يُجسّد جزءًا مما نعيشه يوميًا
— عبد القادر صباح (@AbdSabbah91) May 26, 2025
قصف، قتل، حرق، تجويع، قهر، وألم لا ينتهي.
هذه الصورة التُقطت في مدرسة فهمي الجرجاوي، التي تعرّضت للقصف، ما أسفر عن استشهاد 25 شخصًا حرقًا
A real scene that reflects a fraction of what we endure every day — bombing, killing, burning,… pic.twitter.com/J1V7ItAkUH
وارتكبت "إسرائيل" مجزرة بحق النازحين في مدرسة فهمي الجرجاوي بحي الدرج وسط مدينة غزة، أسفرت عن استشهاد نحو 31 مواطنًا بينهم 18 أطفال و6 نساء، بعضهم عبارة عن جثامين متفحمة.
وصرح مدير الإسعاف والطوارئ في شمال غزة فارس عفانة بأن "أطفالا احترقوا ولم يتمكن أحد من إنقاذهم".